كان فى مملكة دقلديانوس الملك الكافر أمير كبير من أمراء المملكةاسمه أوهيوس , وكان شريرا جدا . فأرسله دقلديانوس إلى الشام و معه عسكره و خدام الامبراطور , قائلا له : " اهدم كنيسة كبير الجليليين , لأنى لا أقدر أن أصبر على ما أسمعه عن القوات و العجائب و الأسحار التى يصنعونها باسمه فى كنيسته . هذا الذى أخذ رأسه داديانوس ملك الفرس من عدة سنين . و بنوا كنيسه باسمه , و فيها يصنع النصارى أسحار و يظهروا قوات و عجائب حتى أن اسمه كبر جدا فى جميع الكور , و تحول أناس كثيرون عن عبادة الآلهة المختارة و تبعوا المذكر و صاروا نصارى . " فلما سمع أوهيوس ذلك من الملك الكافر دقلديانوس , خضع له و جرد معه ثلاثين ألف فارس , و ساروا إلى الشام . و هدم الكنائس و سجن النصارى و عذبهم بأنواع كثيرة , و منهم من أخذ رأسه بحد السيف . و بعد ذلك , ركب السفن هو ومن معه و أتوا إلى ساحل اللد " بلد القديس " و هم متسلحون بالسيوف و الرماح . فاضطربت كل المدينة . ثم دخل أوهيوس بيعة القديس مارجرجس بعظمة قلب و تجبر , وكان بيده قضيب عظيم , فنظر إلى قنديل يضىء أمام أيقونة الشهيد العظيم مارجرجس , و قال لعسكره : " انظروا إلى هذا الأحمق جرجس
. ما أحمق النصارى . أترى آلهتهم عمى ؟! فإن الذى يبصر لا يحتاج إلى ضوء مصباح . " ثم ضرب القنديل بالقضيب الذى بيده قائلا : " ما هذا ؟ " . فانكسر القنديل , و انقلب الماء و الزيت الذى فيه عليه وعلى الجند , ووقع فى وسط رأسه قطعة زجاج صغيرة لم يعلم بها فى تلك الساعة , و صار كل موضع فى جسمه لحقه الزيت الذى من القنديل " أبرصا " . فظن أن هذا هو كل ما أصابه , فقال لجنده : " لقد كنت أسمع أن جرجس هذا ساحرا . أما اليوم , فقد رأيت بعينى سحره . انظروا إلى يدى ورجلى و ما قد حل بهما من قبل جرجس ! " ثم إن رأسه بدأت تؤلمه , فقال للجند : " لنمض الآن و نأت غدا . " و قد فعل هذا لأنه احتشم من الجمع المحيط به . و كان كل أهل المدينة نصارى , و لكن مع ذلك لم يدعه أحد منهم إلى منزله بسبب غضبهم عليه لأجل القنديل الذى كسره , فمضوا و تركوه قائما بفضيحتة . فقام يمشى , و لما و صل إلى باب الكنيسة و هم بالخروج منها , أظلمت عيناه ووقع على الأرض , و كان جسمه كله يؤلمه , و لم يستطيع أن يقف على قدميه . فأحاط به الجند , و حملوه من البيعة إلى بيت مهجور , و تركوه و مضوا ليأكلوا و يشربوا . أما هو فلم يذق شيئا البتة , لأن رأسه كانت تؤلمه ألما شديدا. و فى المساء , وكان الجند كلهم نيام , رأى أوهيوس فى منام القديس مارجرجس يضربه بالنشاب , فوقعت نشابة على رأسه , فصرخ بصوت عظيم قائلا : " ماذا لك معى يا جرجس ؟ " ثم استيقظ . فلما سمع الذين كانوا معه فى البيت صوته و كلامه و صراخه , قالوا له : " من هو الذى تخاطبه يا سيدنا ؟ " فاستحى أن يقص عليهم المنام , و سكت و لم يرد أن يذكر اسم القديس جرجس . و لما كان الصباح , لحقه ألم شديد بسبب قطعة الزجاج لأنها كانت تغوص إلى عمق رأسة, و لم يستطيع أن يتحرك البتة لا يمينا و لا شمالا , فقال لجنده : " احملونى إلى المركب لأمضى إلى بلادى , لئلا أموت فى الغربة . " فقام الجند مسرعين و هم فرحين , وركبوا المركب و أقلعوا إلى أنطاكية بفضيحة عظيمة . أما رأس الأمير فإنها تقيحت و أنتنت , و فى اليوم الثالث مات , فحمله الجند و ألقوا به فى البحر . فلما و صلوا إلى أنطاكية , أخبروا الامبراطور دقلديانوس بكل ما حدث . فلما سمع القصة و عرف القوات و العجائب و الأشفية التى يصنعها مارجرجس فى بيعته , غضب جدا , و غلظ الشيطان قلبه كما فعل مع فرعون فى سالف الزمان , فقال للجند : " انكم قتلتم الأمير الكبير الذى فى مملكتى , و أتيتم بكلام كذب قائلين أن جرجس الجليلى يصنع قوات و عجائب . و حق الآلهة لأقوم أنا بذاتى و أمضى إلى هناك . فإذا وجدتكم تكذبون , أخذت رؤوسكم بحد السيف . ثم أمضى بعساكرى و أفنى كل من فى المدينة , و أهدم تلك الكنيسة إلى أساسها و أبنيها بربا للآلهة , و أجعل النصارى يخدمون الأوثان فى و سطها . " ثم أمر دقلديانوس أن تعد المراكب ليركبوا فيها جميعهم إلى الشام , و أن يضرب بالبوق فى جميع المدينة , و أن يكون الجند مستعدين للمسير . و ما إن أنتهى من كلامه هذا , حتى نزل رئيس الملائكة الجليل ميخائيل و القديس مارجرجس و قلبوا الكرسى و هو جالس عليه , فوقع على الأرض و عميت عيناه