الغموض يحيط بملابسات حادث القوصية وقوات الأمن تُكثّف تواجدها
الاقباط متحدين
الاقباط متحدين
تكثف الجهات الأمنية حاليًا بمحافظة أسيوط ومركز القوصية، تحرياتها ومجهوداتها لمعرفة ملابسات حادث وضع عبوات بلاستيكية مملوءة بمادة البنزين سريع الاشتعال يوم الأربعاء الماضي، أسفل أبواب محال تجار مسيحيين بالقوصية، هذا وقد تابعت "الأقباط متحدون" تطورات الحدث عن قرب، والتقت بالتجار الذين عاودوا ممارسة نشاطهم المعتاد وفتح محالهم التجارية، وكانت لنا معهم عدة حوارات. ويقول نزيه عطا وهيب، الشهير بكريم، 27 عامًا، من القوصية، وحاصل على دبلوم زراعة، وشريك بمحل لبيع الأحذية البلاستيك، والذي بدأ مزاولة نشاطه في أكتوبر 2009، إنه قد حضر يوم الحادث كالمعتاد في التاسعة صباحًا، وإنه معتاد يوميًا أن يقوم "عيون"، العامل لديه، بفتح المحل وتنظيفه، لكنه فوجيء أن المحل مغلق، وكذلك المحلات المجاورة له على الجانبين، وقد علم أن هناك أكياس "نايلون" بها بنزين قد وضعت أسفل المحلين المجاورين له، فقام بفتح أحد أبواب محله، وعندما حاول فتح الباب الآخر والموجود في الجانب القبلي، وجد القفل وقد سُد بمادة شديدة التصمغ، فخاف أن يكون هو الآخر قد استُهدِف، وبالفعل نظر خلف الباب المغلق، فوجد كيسين مملوء نصف كل منهما بمادة البنزين. وعندما سألناه لماذا وُضِعت الأكياس في الجانب القبلي من المحل وليس بالجانب الآخر، قال لأن هناك فتحة بمدخل المحل، ندخل ونخرج منها، والباقي حائط بارتفاع متر، نضع عليه البضائع، ونتعامل مع الزبائن من خلاله، وهذه الفتحة هي خلف الباب الذي وضعت فيه الأكياس التي بها البنزين، لأن الجاني يعلم بهذه الفتحة، ولذلك حاول أن يقذف بالأكياس لداخل المحل، لأنه يعلم أنني عندما سأقوم بحرق قفل المحل لإخراج المادة الموضوعه فيه، ستشتعل الأكياس المعبأة بالبنزين ويُدَمر محلي المملوء بالبضائع المصنوعة من النايلون!!. وبسؤاله عن ماهية من يمكنه القيام بمثل هذه الجريمة، قال نزيه عطا، إن الفاعل شخص مجرم وذكي في نفس الوقت، ومن الصعب التكهن بشخصه لأنه لا توجد بيننا وبين أي شخص عداوات أو خصومات. وعن الغرض من هذه الفعلة، أجاب نزيه إنها عملية انتقامية، غرضها تدمير محلاتنا، فنحن ناجحون في أعمالنا، ولكنه تساءل: "هل كل إنسان ناجح، لابد أن يكون مستهدفا وبهذا الأجرام؟"، وأضاف نزيه أنه توجه على الفور لقسم الشرطة وتم إحضار الأكياس وتحريزها. والتقت "الأقباط متحدون" بأحد الأفراد العاملين مع نزيه واسمه عربي فهمي عبد الحفيظ، وعمره 26 عامًا، من بلدة "بني يحيي" شرق، التابعة لمركز القوصية، وقال إنه حضر لفتح المحل كالمعتاد، وقبل حضور "المعلم" نزيه صاحب المحل، ولكنه وجد تجمهرًا بالشارع، وعلم بعد ذلك أن هناك محلات قد وُجد أسفل أبوابها أكياس مملوءة بالبنزين، فلم يفتح المحل حتى يحضر "المعلم نزيه" والذي حضر وفتح أحد أبواب المحل، وعندما رأى أكياس البنزين، توجه على الفور لقسم الشرطة لتقديم بلاغ، وبدورهم، جاء رجال الأمن وقاموا بعمل الإجراءات اللازمة. وبسؤال عربي فهمي عن السبب الذي يمكن أن يدفع شخصًا لأن يقوم بهذا الفعل الإجرامي، قال إن من أقدم على تلك الفعلة إنما هو لا يمت بصلة لأي دين، بل كل همه هو عمل فتنة بين المسيحيين والمسلمين، والدليل على ذلك أن هناك جارًا لنا يفصل بيننا وبينه محل "إيهاب جمال"، وذلك الجار مسلم ولم يتعرض لأي أذي!!، وأضاف أنه يعمل مع "المعلم نزيه" منذ عشرة سنوات، وبكل محبة وأمانة وإخلاص وأكد أنه لا يفارقه إلا عندما يذهب كل منهما لمنزله في وقت متأخر من الليل!!.. وبالناحية القبلية من محل "نزيه عطا وهيب"، يوجد محل "شفيق ملك منصور"، والذي يديره ابنه "هنري شفيق ملك"، 42 عامًا، وقد التقينا بهنري، وأخبرنا أنه حاصل على دبلوم زراعة، وأن لديه ثلاثة أطفال أكبرهم "مهرائيل"، وعمرها سبع سنوات، وفيلوباتير، وعمره سنتان ونصف، ومصاب بضمور في بعض خلايا المخ، وإيفا، وعمرها عام ونصف، ومصابة هي الأخرى بثقبين في القلب، وهذا يدفعه لأن يحضر متأخرًا للمحل، حيث يضطر للانتهاء أولاً من إعطاء أطفاله العلاج قبل الحضور، وأخبرنا أن والده استأجر هذا المحل منذ عام 1984، وبما أن والده رجل كبير في السن، يقوم هو بإدارة المحل، وأضاف " هنري" أنه عندما حضر للمحل، وجد حالة من القلق والفوضى تسود المنطقة، وسمع لتوه أن هناك محلاتٍ وضع أسفل أبوابها أكياس بها مادة البنزين، فحاول فتح باب محله، فوجد القفل وقد وضعت فيه مادة تمنعه من الفتح، فخاف أن يكون هو نفسه تعرض لنفس المشكلة، وبالفعل نظر أسفل باب محله، فوجد "كيس نايلون" وبه نفس المادة، ولكنها قد سُكبت من الكيس، حيث إن واجهة محله قد بنيت بالطوب، ويوجد باب صغير يغلقه بأحكام، خوفاً من تسرب الفئران للمحل، مشيرًا إلى أن هذا قد منع دخول الكيس، ولكن في الوقت ذاته جعل الكيس يُفتح ويُسكب أسفل باب محله، وعليه؛ لم يفتح باب المحل، وقام فورًا بإبلاغ الشرطة، التي حضرت وعاينت المحل، وقامت بتحريز الكيس الذي يحوي آثار البنزين. وعن سوألي له حول وجود أي عداء أو مشاكل بينه وبين آخرين، قال إنه محبوب من الجميع، ولا توجد مشاكل من أي نوع بينه وبين أي فرد، لدرجة أنه لو قام أي مشترٍ بإعادة شيء قد اشتراه منه، فإنه يقوم بإرجاعه فورًا دون أي مشاكل، وبكل ترحيب، كما أنه أكد أن لا عداوة بينه وبين أي تاجر آخر. وألتقت "الأقباط متحدون" أيضًا بصاحب آخر محل من المحلات التي اُستُهدِفََت في هذا الحادث، واسمه إيهاب جمال يوسف، وعمره 23 عامًا، حاصل على دبلوم تجارة، وهو شريك في محل أحذية بلاستيكية، وأخبرنا أنه حضر إلى المحل في تمام الساعة الثانية من فجر يوم الأربعاء 24 فبراير، ومعه سيارة تحمل بضائع ليضعها بالمحل، وعندما حاول فتح أقفال المحل الثلاثة، وجدها كلها وقد سُدت بمادة شديدة الصلابة، فأخرج "ولاعة" سجائر في محاولة منه لتسييح المادة، وعندها رأى أكياس "نايلون" تخرج من أسفل الباب، فسحب أحدها، واشتم رائحتها، فوجد رائحة بنزين، فقام فورًا بالاتصال بالشرطة على رقم 122، دون أن يعلم أنه رقم شرطة نجدة أسيوط مباشرة، والتي حولته على شرطة مركز القوصية، والذين حضروا على الفور للمعاينة، وكلفوا آخرين بالحراسة حتى الصباح، وبالفعل حضروا صباحًا لإكمال المعاينة، وأخذوا الأكياس - وكان مراسل "الأقباط متحدون" متواجدًا وقت المعاينة – وبسؤاله عن سبب قيام الجاني بهذه الفعلة، قال إيهاب جمال: "الله أعلم.. فلا توجد مشاكل هنا بيننا وبين أي فرد، وكلنا نعيش في محبة وسلام، ولكن جاء هذا المجرم ليصنع فتنة بيننا، وكان من شأن ذلك أن يدمر المنطقة التجارية كلها، حيث المحلات متلاصقة، وكلها ذات واجهات خشبية، وأقمشة وبلاستيك... لكن مشيئة الله حفظتنا لأننا في حمايته دائمًا...". ومن خلال متابعتنا جيدًا وعن قرب لتطورات الموقف على أرض الواقع، فقد لاحظت "الأقباط متحدون" أن هناك اهتمامًا مكثفًا هذه المرة من الجهات الأمنية، وهناك تكثيف لعمليات البحث والتحري، ورأينا حضور العديد من المسئولين الأمنيين لمكان الحادث، وقاموا باستدعاء جيران المحلات، وقاموا بالتحقيق مع كل منهم على حدا لاستيضاح الأمور ومعرفة ملابسات هذا الحادث غير المسبوق في بلدة القوصية، والتي كانت قرية "السراقنا" التابعة لها مسرحًا لمعركة بين مسيحيين ومسلمين، أسفرت عن إصابة أربعة مسيحيين، إصابات اثنين منهم خطيرة للغاية، وهم حتى الآن بالعناية المركزة بمستشفى أسيوط الأن. يُذكر أن القوصية يحدها من الشمال ديروط، وعلى بُعد عشرة كيلو مترات فقط منها، ويحدها جنوبًا بلدة منفلوط، على بُعد فقط خمس وعشرين كيلو مترًا، وقد عانت مدينة القوصية كثيرًا من الأعمال الإرهابية في أوائل تسعينيات القرن الماضي، وذلك بسبب تواجدها بين ديروط ومنفلوط، وقد قُتِل في تلك الحوادث العديد من أبناء البلدة من المدنيين ورجال الشرطة.. فهل يقظة الأمن هذه المرة ستمنع تكرار مثل هذه الحوادث، أم أن نيران الحقد والكراهية سوف تتغلب على كل هؤلاء؟؟.. |