جانب من القداس
كتب نادر شكرى - تصوير أحمد محمود
اختلطت زغاريد الأقباط بدموعهم احتفالا بتدشين أول قداس إلهى بكنيسة العذراء بإمبابة بعد إعادة ترميمها وتسليمها للأقباط، حيث توافد المئات من الأقباط ويشاركهم الكثير من المسلمين وسيدات محجبات لحضور القداس الإلهى الذى أقيم بشكل رسمى لأول مرة منذ حرق الكنيسة الشهر الماضى وتلقى الجميع بالحب يهنئون بعضهم لعودة الكنيسة لوضعها الطبيعى بل أفضل مما كانت عليه حسب شهادة الأقباط وترأس القداس اليوم القمص متياس إلياس كاهن الكنيسة وبعض الكهنة من كنائس أخرى وتوافدت وسائل الإعلام المحلية والدولية لرصد فرحة مواطنى إمبابة بإعادة الكنيسة لتكون بمثابة رسالة للمتطرفين ومن يسعى للمساس بوحدة مصر أن الكل إيد واحدة ضد التطرف والغوغائية.
قدم القمص متياس إلياس، كاهن الكنيسة، فى عظته بالقداس الإلهى الشكر للمسئولين وعلى رأسهم القوات المسلحة ومحافظ الجيزة وشركة المقاولون العرب، لإنجازهم هذا العمل خلال فترة 25 يوما وقال إنه إنجاز بشرى وإعجاز إلهى لحماية وحدة مصر من خطر الفتنة الطائفية وتجاوز هذه المرحلة الصعبة وإنقاذ لاسم مصر وتأكيد وحدة شعبها وقوة إرادتها ضد أى تطرف.
مشيرا إلى أن مصير وطريق مصر سيحددان بيد أبنائها حسبما يريدون أن تذهب إليه البلاد ونحن ذقنا مرارة الفوضى والأزمات وعلينا نختار طريق الحب والسلام الذى هو حصن وأمان لكل إنسان.
وأضاف القمص متياس أن سعادته بالغة ليس فقط بافتتاح الكنيسة ولكن لباقات الحب والإخاء والمودة من مسلمى المنطقة لمشاركتهم فى القداس وهم يهنئون بإعادة الكنيسة منهم سيدات ورجال وأئمة مساجد وهم يقدمون الاعتذار عما حدث وأنهم غير راضين عن هذه التصرفات الإجرامية التى لا تتفق مع مبادىء الإسلام وأن من قام بهذه الأعمال لا يمثل الإسلام وكان الرد عليهم أن من يمس أى شىء فى مصر فهو يمس مصر جميعها، معبرا عن شكره الغفير لهم ويكفى أن تكون هذه رسالة لكل من قام بهذا العمل أن يستوعب درس المحبة للمصريين ويعرفون أنه مهما طال فكرهم الشرير فإنه لن يغلب أبد لأن مصر دائما قوية وصامدة ضد قوى الشر.
وأشار القمص متياس أن هذا أول قداس إلهى رسمى يقام فى الكنيسة بعد ترميمها وسوف يتم تدشين احتفالية ضخمة الثلاثاء بحضور دكتور على عبد الرحمن محافظ الجيزة والأنبا ثيؤدسيوس أسقف الجيزة وعدد من قيادات الدولة والتنفيذيين والشعبيين، مشيرا إلى أنه حتى الآن لم يتأكد حضور الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، وإن كان احتمالية حضوره كبيرة وسوف يتم قص شريط افتتاح الكنيسة من قبل السادة المسئولين ويعقبها كلمات حول تداعيات الأوضاع.
وحضر القداس عبد الخالق عزوز رئيس حى إمبابة والمشرف على عملية الترميم وقدم التهانى لقيادات الكنيسة وصرح "لليوم السابع" بأن العمل فى بناء الكنيسة كان على وتيرة من السرعة منذ وقوع الأحداث وقيام دكتور على عبد الرحمن بزيارة الكنيسة المحترقة وأعطى تعليماته بسرعة إنهاء العمل فى أقرب وقت وتم إسناد المهمة لشركة المقاولون العرب التى عملت 24 ساعة بأعلى كفاءة حتى تم إعادة الكنيسة إلى أفضل ما كانت عليه وتم إنشاء بوابة جديدة للهروب فى الطوارئ وأشار عزوز إلى أن هذا العمل سيكلل بافتتاح رسمى بحضور المحافظ والمسئولين للرد على مثيرى الفتن والمتطرفين الذين لا ينتمون لهذا الوطن، وتأكيدا على نسيج مصر الواحد فالجميع يتعايش كإخوة منذ قرون طويلة ولن تفلح هذه القلة الخارجة فى تدمير الرصيد الطويل من التعايش المشترك، مشيرا أن الحى يقوم الآن برفع كفاءة المنطقة وتعزيز البنية التحتية وعقدت لجنة الحكماء عدة جلسات لدراسة كيفية التصدى للفكر المتطرف وتم اقتراح بحضور شيخ مسلم للقداس الإلهى كل أحد وحضور قس لخطبة الجمعة وأن يتم نقل هذه التجربة فى جميع المناطق لتقريب المسافات وترسيخ ثقافة قبول الآخر وجارى دراسة فكرة التنفيذ.
فاطمة عبد النبى محجبة كانت تقف وسط الكنيسة تتحدث مع السيدات المسيحيات بابتسامة حب يجمعهن رصيد من الإخاء والمودة وقالت لنا "أنا فعلا سعيدة برجوع الكنيسة لأنها بيت الله ودار للعبادة تحث على الفضيلة وما حدث من أشخاص لا يعرفون شيئا عن الإسلام، فهم لا يمثلون المسلمين.
وصف سيد السوهاجى (47 عاما)، عضو حزب الوفد بإمبابة افتتاح الكنيسة بالعرس الوطنى يشارك فيه جميع المصريين، ولذا جاء من أجل التهنئة ورفض ما أطلق عليها" بالفتنة المستوردة التى يقف وراءها متطرفون وفلوف للنظام السابق وبعض المستفيدين من البلطجية لأن من يفعل هذه الجريمة باسم الدين فهو لا يعرف شيئا عن الدين الذى يحث على احترام وحماية الآخر، وطالب السوهاجى بدور حاسم للدولة فى تطبيق القانون على الجناة وردع المحرضين وعودة الشرطة لوضعها بكل قوة للحفاظ على استقرار مصر ومساندة المواطنين للشرطة ضد البلطجية والمتطرفين.
وأضاف السوهاجى، مقدما شكره للقوات المسلحة التى حافظت على مصر منذ أحداث الثورة، مطالبا بتوحيد الصفوف الوطنية للقيام بانتفاضة تستهدف التعليم والإعلام لمقاومة الأفكار الرجعية وتعزيز دور الخطاب الدينى فى نبذ الكراهية والعنف وضرورة التآلف والحب ضد قوى الشر حتى يتم بناء دولة المؤسسات والمواطنة.
يرى تونى صبرى (22 عاما) أن الذى حدث اليوم ليس غريبا من إصلاح شىء تم تدميره أو مشاركة مسلمين وأقباط لأن هذا هو أصل المصريين الحقيقى، ولكن الأهم من ذلك أين دور القانون فى محاسبة المخطئين حتى لا تتكرر صول ثالثة فى منطقة أخرى بعد أطفيح وإمبابة، مشيرا أن هذه الفترة الصعبة التى تمر بها مصر تحتاج لمزيد من تحقيق العدالة لوقف أعمال البلطجة والانفلات الأمنى والقصاص لدماء الضحايا فى هذه الأحداث.
عبرت إيفون أمين (55 عاما) عن فرحتها بعودة الكنيسة وفرحة الأطفال والشباب للبدء فى القيام بدورها واستئناف الأنشطة الكنسية التى توقفت خلال شهر منذ حرق الكنيسة وعبرت عن شكرها للمسئولين بالدولة والمسلمين بالمنطقة قائلة "ده مش غريب لأن مصر أصلها طيب بأهلها والله يسامح اللى يحاول يفرق بينا".
الحاج محمد سليم (43 عاما) من أهالى المنطقة جاء للكنيسة واحتضن القمص متياس، معبرا عن فرحته بافتتاح الكنيسة وهو يقول إن الأديان تحث على السلام والتسامح ومن يفعل غير ذلك فهو لا يعرف جوهر الأديان ونحن جميعا أصابنا حزن لما تعرضت له الكنيسة وما تتعرض له مصر الآن من أوضاع كنا نأمل أن تنتهى بعد هذه الثورة البيضاء التى هى حلم لكل مصرى فى مجتمع جديد قوى يقوم على مبادئ الحب والتسامح والقانون، مؤكدا أن هؤلاء الذين أحرقوا الكنيسة مجموعة من المأجورين ليس لهم أى علاقة بالدين، بل يأخذون الدين ساترا لهم لتبرير أفعالهم واستغلال البسطاء.