[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
منذ أن أعلن الرئيس السابق محمد حسني مبارك تنحيه عن الرئاسة وتفويض سلطاته للمجلس الأعلي للقوات المسلحة وهو يعيش معزولا عن العالم كله في منفاه الاختياري بمدينة شرم الشيخ علي ساحل البحر الأحمر في القصر الذي بناه له صديق عمره وكاتم أسراره رجل الأعمال الهارب حسين سالم .
يرفض مبارك أن يقابل أحدا .. يقضي معظم وقته إما في غرفته الخاصة أو أمام قصره المطل علي البحر مباشرة .. يترحم علي أيام كان فيها الحاكم الآمر، والسيد المطاع .. يتابع الجميع تحركاته .. وتتسابق الكاميرات لرصد نشاطاته .. ويقف الوزراء والمسئولون رهن إشارته.
وخلال ما يقرب من الشهرين علي تنحيه وحتي اليوم يعاني مبارك من حالة اكتئاب لا تفارقه .. ويحاول أفراد أسرته إخراجه من تلك الحالة بكل الطرق دون جدوي .. وتبذل زوجته وزوجة نجله علاء جهودا مضنية للتخفيف عنه ومواساته في تلك الظروف القاسية التي يمر بها .
يقضي مبارك أغلب أوقاته علي ساحل البحر صامتا.. لا يكلم أحدا .. مكتفيا فقط باصطحاب صور حفيده الراحل محمد .. يحاول أن يسترجع شريط الذكريات كي يصل الي تلك الأيام الجميلة التي قضاها مع حفيده في قصر الرئاسة قبل أن يفرق الموت بينهما في شهر مايو من العام 2009 ، ولأن جميع أفراد أسرة مبارك يعلمون مكانة الحفيد في قلب جده فإنهم يسارعون في جمع كل صورة معه ويحضرونها اليه لعله يجد فيها أملا يساعده علي العودة الي الحياة بشكل طبيعي .
ولأن مبارك يعلم جيدا أن ساعة الحساب قد اقتربت وأن تقديمه للمحاكمة أصبح أمرا لا مفر منه فقد سارع الرئيس السابق حسب المعلومات التي حصلت عليها " الموجز " لتقديم طلب للمجلس العسكري للسماح له بزيارة قبر حفيده في مقابر الأسرة بمنطقة مصر الجديدة لعلها تكون الزيارة الأخيرة لقبر الحفيد في حالة إدانته في القضايا التي ينظرها النائب العام .
تفكير مبارك في زيارة قبر حفيده جاء بالتزامن مع ذكري وفاته الثانية فقد رحل الحفيد في منتصف شهر مايو من العام قبل الماضي وأحيت الأسرة الذكري الأولي لوفاته العام الماضي في قصر الرئاسة وحضرها عدد كبير من أقارب أسرة الرئيس وأقارب صهره مجدي راسخ جد الحفيد لأمه .وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها " الموجز " لم يتلق مبارك ردا سريعا من المجلس العسكري الذي ينشغل معظم قياداته بكم هائل من المشاكل اليومية وهو ماجعل الرئيس السابق يطلب توسط شخصية سياسية كبيرة للسماح له بالزيارة وهو ما تحقق بالفعل نهاية الأسبوع الماضي وقبل القبض علي رئيس ديوانه زكريا عزمي بساعات قليلة حيث حضر الرئيس بصحبة زوجته ونجله الأكبر علاء وزوجته هايدي راسخ الي القاهرة عصر أحد أيام الأسبوع الماضي وهبطت الطائرة بهم جميعا في مطار ألماظة بالقرب من القصر الجمهوري .
عقب نزول الرئيس وأفراد أسرته من الطائرة كان في انتظارهم سيارة مصفحة أقلتهم جميعا الي مقابر الأسرة بمنطقة مصر الجديدة وفي الطريق من مطار ألماظة الي مقابر الأسرة لابد وأن هناك أفكارا وذكريات كثيرة دارت في ذهن الرئيس السابق فلأول مرة يعود الي قاهرة وقد تغيرت ملامحها في وجهه وأصبح مفروضا عليه وللمرة الأولي أيضا أن يستمع الي تعليمات الحراسة المختصة بتأمين الزيارة والتي طالبته بأنهائها في أسرع وقت ممكن حتي لا تلتفت الأنظار اليه أو يعرف أحد بوجوده .
وبمجرد أن وصل الرئيس الي مقابر " آل ثابت " المدفون بها حفيده وفلذة كبده لم يجد سوي حارس المقبرة الذي كان قد اختاره نجله علاء لحراستها بعد وفاة الحفيد بأيام قليلة واتجه مبارك مباشرة الي قبر حفيده ودخل في نوبة هيستيرية من البكاء فشلت كل المحاولات لوقفها بعدها طلب مبارك من زوجته ونجله أن يتركاه وحيدا ليعيش ولو دقائق معدودة بجوار من يحبه ويرتاح إليه.
لم تسمح الحراسة المشددة التي تولت تأمين الزيارة لمبارك وأفراد أسرته بمتسع من الوقت في مقابر العائلة وطلبت منهم انهاءها بشكل سريع منعا لحدوث نوع من البلبلة في حالة علم أحد بوجودهم الأمر الذي يمثل خطرا علي جميع أفراد الأسرة .. كان واضحا علي أفراد الحراسة طبقا لشهود عيان- القلق وكانوا يحاولون بكل الطرق ألا تستمر تلك الزيارة أكثر من نصف ساعة.
مجبرا اضطر مبارك الي انهاء زيارته لحفيده بشكل سريع طبقا لتعليمات الحراس المرافقين له لكنه قبل أن يغادر طلب حضور الحارس الخاص بالمقبرة واستفسر منه عن زوار الحفيد الذين كانوا لا ينقطعون عن زيارته وقت أن كان جده رئيسا وحينما علم بانقطاع الزيارة حزن بشدة وطلب أن يغادر المكان فورا .
الزيارة التي لم تستمر أكثر من 25 دقيقة تخللتها بعض المواقف الانسانية للرئيس السابق الذي طلب من أفراد أسرته أن يدفن بجوار حفيده في نفس المقبرة وألا يبني له قبر وحده بالاضافة الي حرص مبارك علي التأكيد علي أنه لا يريد أن تقام له جنازة رسمية .
كان لافتا للنظر خلال زيارة الرئيس السابق الي قبر حفيده غياب نجله الأصغر جمال الأمر الذي فسره البعض علي بأنه غضب من الأب عليه وبالتالي علي زوجته خديجة الجمال التي غابت هي الأخري عن الزيارة علي الرغم من مصاحبتها لهادي راسخ أم الحفيد الراحل في كل زياراتها الي قبره ، وقيل إن سبب غياب جمال هو رفض مبارك اصطحابه معه في تلك الزيارة والاكتفاء بوجود شقيقه الأكبر الأقرب لأبيه روحيا. حرص مبارك علي زيارة قبر حفيده جاء بسبب الارتباط الشديد الذي كان يجمعه به حتي ان شخصيات مقربة من الرئيس السابق أكدت أن صحته تدهورت بشكل كبير جدا نتيجة حزنه علي وفاته ، وفي شهادة منشورة للحلاق الخاص بمبارك قال إنه كان يعامل حفيده الفقيد محمد علاء مبارك معاملة خاصة ويلاعبه أثناء الحلاقة ، وما زالت صور الحفيد مع جده الرئيس عالقة في أذهان المصريين والتي كان يبدو فيها علي وجه الرئيس السابق ملامح الفرحة الخالصة والسرور الكامل ، كما لا ينسي من شاهدوا مباريات منتخب مصر في بطولة الأمم الأفريقية التي أقيمت بالقاهرة في عام 2006 مبارك وهو يجلس بجوار حفيده يشاركه الفرجة علي المباريات ، ويجاريه في حماسه في تشجيع المنتخب القومي.
ومنذ وفاة الحفيد في عام 2009 وحتي رحيل مبارك عن السلطة حاول الرجل التغلب علي أحزانه ونسيان ألم الفراق والظهور متماسكا الا أن كل المحاولات باءت بالفشل وجاءت أحداث ثورة 25 يناير المجيدة وما تلاها من تنحي مبارك عن الحكم وذهابه الي شرم الشيخ لتجدد الأحزان وتعود بالرئيس السابق الي الدخول في دوامة الحزن وتذكر الماضي الأليم .
وقد كان مبارك خلال الفترة التي تلت وفاة الحفيد مواظبا بشكل دائم علي الذهاب الي زيارته والجلوس طويلا أمام قبره بل إن بعض المقربين منه يقولون إنه كان ينسي الدنيا بمن فيها ويتجرد من كل المراسم الخاصة بالرئيس حينما يشاهد قبر الحفيد وكان لا يريد أن يغادر المكان ، ويشعر بأن روح الصغير ترفرف من حوله، وكأن الرئيس لا يريد أن يعترف أن الروح البريئة التي كانت تظلل حياته قد خطفها الموت.
وطبقا لشهادات المقربين من الرئيس الراحل فإنه لم يحاول نسيان الحفيد ولم ينجح في تعويض فراقه حتي ولو بالجلوس مع حفيده الآخر عمر شقيق الراحل ساعات طويلة خصوصا أن حفيده محمد هو الحفيد الأول له وتربطهما أشياء كثيرة وقيل إنه كان يقول إن محمد يشبهه في أشياء كثيرة وأنه يتذكر معه طفولته.
حالة الحزن الشديدة التي يعاني منها مبارك منذ رحيله عن السلطة ربما تعجل بوفاته خصوصا أن الدراسات العلمية تؤكد أن قدرة الإنسان علي تحمل الأحزان تقل مع تقدم العمر ، وتؤكد الدراسات أيضا أن الشخص الذي يتعلق بحبيب له ثم يفقده ، لا يستطيع أن يتحمل الحياة بعده ،ويفارق الحياة بعده بقليل.
ومن المعروف أن حفيد الرئيس السابق مدفون في المقابر الخاصة بعائلة " آل ثابت " نسائب مبارك وجدود وأعمام قرينته سوزان ثابت وهي العائلة التي تمتد جذورها الي صعيد مصر وتحديدا محافظة المنيا وتعتبر من العائلات الكبيرة التي لها تاريخ كبير وسمعة طيبة بين عائلات المنيا .
ولا يختلف شكل مقبرة الحفيد كثيرا عن حالة الرفاهية والفخامة التي كانت تعيش فيها أسرة مبارك في قصر الرئاسة طوال الثلاثين عاما التي قضوها في حكم مصر.
وطبقا للمعلومات المتوافرة عن المقبرة يستطيع المتجول أمام هذه المقابر تمييز مقابر " آل ثابت " من النظرة الأولي دون غيرها من المقابر التي تسبقها أو تتلوها.
واضطرت أسرة الرئيس السابق الي دفن الحفيد في مقابر " آل ثابت " بعد وفاته بشكل مفاجئ وعودته من مستشفي بباريس في الوقت الذي كان فيه " آل مبارك " لا يملكون مقابر خاصة بهم سوي مقابرعائلة سوزان مبارك ومقابر عائلة راسخ أنسباء علاء مبارك وفرضت حراسة مشددة علي هذه المقابر لوجود حفيد الرئيس بها .
وكانت عائلة الرئيس السابق قد شرعت في بناء مقابر خاصة بالأسرة بعد وفاة الحفيد مباشرة علي علي مساحة تقترب من الــ 1500 متر ، وبنيت من الحجر الأبيض الكبير الذي تبني به مجالس الشعب والشوري وهو ما يسمونه بالحجر الحلواني أغلي أنواع الأحجار علي عكس المقابر الأخري التي تبني من الطوب الفرعوني الأحمر العادي.
ونفذت شركة المقاولون العرب أعمال البناء في مقابر مبارك ، وأشرف موظفون من رئاسة الجمهورية علي عملية البناء وكان زكريا عزمي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية يتابع بنفسه تطورات العمل في المقبرة بنفسه ويقدم تقريرا شاملا ووافيا لمبارك عن كل الأعمال التي تتم .
الغريب أنه حتي وقت قليل كانت المقبرة التي دفن فيها حفيد مبارك محمد تعج بالزائرين من القيادات وأصحاب السلطة والنفوذ وكبار رجال الدولة لتقديم فروض الولاء للرئيس السابق الا أنها الآن صارت خالية ولا يذهب اليها أحد .
وتبدو المقبرة من الخارج كبقية المقابر فهي مبني متسع تزينه بعض أغصان زهور الياسمين والصبار وأشجار النرجس، وتقع علي بعد 10دقائق من مساكن كلية البنات، وعلي امتداد شارع عباس العقاد بمدينة نصر.
حارس العقار المتواجد حاليا أمام المقبرة أكد أن جميع أفراد الحراسة رحلوا مع تنحي مبارك، فضلا عن انقطاع جميع الزيارات حتي من عائلة الفقيد منذ سفر مبارك لشرم الشيخ، اللهم إلا بعض الاتصالات الهاتفية من جانب علاء، وزيارة واحدة لوالدته هايدي لم تتعد الدقائق.
منذ أن أعلن الرئيس السابق محمد حسني مبارك تنحيه عن الرئاسة وتفويض سلطاته للمجلس الأعلي للقوات المسلحة وهو يعيش معزولا عن العالم كله في منفاه الاختياري بمدينة شرم الشيخ علي ساحل البحر الأحمر في القصر الذي بناه له صديق عمره وكاتم أسراره رجل الأعمال الهارب حسين سالم .
يرفض مبارك أن يقابل أحدا .. يقضي معظم وقته إما في غرفته الخاصة أو أمام قصره المطل علي البحر مباشرة .. يترحم علي أيام كان فيها الحاكم الآمر، والسيد المطاع .. يتابع الجميع تحركاته .. وتتسابق الكاميرات لرصد نشاطاته .. ويقف الوزراء والمسئولون رهن إشارته.
وخلال ما يقرب من الشهرين علي تنحيه وحتي اليوم يعاني مبارك من حالة اكتئاب لا تفارقه .. ويحاول أفراد أسرته إخراجه من تلك الحالة بكل الطرق دون جدوي .. وتبذل زوجته وزوجة نجله علاء جهودا مضنية للتخفيف عنه ومواساته في تلك الظروف القاسية التي يمر بها .
يقضي مبارك أغلب أوقاته علي ساحل البحر صامتا.. لا يكلم أحدا .. مكتفيا فقط باصطحاب صور حفيده الراحل محمد .. يحاول أن يسترجع شريط الذكريات كي يصل الي تلك الأيام الجميلة التي قضاها مع حفيده في قصر الرئاسة قبل أن يفرق الموت بينهما في شهر مايو من العام 2009 ، ولأن جميع أفراد أسرة مبارك يعلمون مكانة الحفيد في قلب جده فإنهم يسارعون في جمع كل صورة معه ويحضرونها اليه لعله يجد فيها أملا يساعده علي العودة الي الحياة بشكل طبيعي .
ولأن مبارك يعلم جيدا أن ساعة الحساب قد اقتربت وأن تقديمه للمحاكمة أصبح أمرا لا مفر منه فقد سارع الرئيس السابق حسب المعلومات التي حصلت عليها " الموجز " لتقديم طلب للمجلس العسكري للسماح له بزيارة قبر حفيده في مقابر الأسرة بمنطقة مصر الجديدة لعلها تكون الزيارة الأخيرة لقبر الحفيد في حالة إدانته في القضايا التي ينظرها النائب العام .
تفكير مبارك في زيارة قبر حفيده جاء بالتزامن مع ذكري وفاته الثانية فقد رحل الحفيد في منتصف شهر مايو من العام قبل الماضي وأحيت الأسرة الذكري الأولي لوفاته العام الماضي في قصر الرئاسة وحضرها عدد كبير من أقارب أسرة الرئيس وأقارب صهره مجدي راسخ جد الحفيد لأمه .وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها " الموجز " لم يتلق مبارك ردا سريعا من المجلس العسكري الذي ينشغل معظم قياداته بكم هائل من المشاكل اليومية وهو ماجعل الرئيس السابق يطلب توسط شخصية سياسية كبيرة للسماح له بالزيارة وهو ما تحقق بالفعل نهاية الأسبوع الماضي وقبل القبض علي رئيس ديوانه زكريا عزمي بساعات قليلة حيث حضر الرئيس بصحبة زوجته ونجله الأكبر علاء وزوجته هايدي راسخ الي القاهرة عصر أحد أيام الأسبوع الماضي وهبطت الطائرة بهم جميعا في مطار ألماظة بالقرب من القصر الجمهوري .
عقب نزول الرئيس وأفراد أسرته من الطائرة كان في انتظارهم سيارة مصفحة أقلتهم جميعا الي مقابر الأسرة بمنطقة مصر الجديدة وفي الطريق من مطار ألماظة الي مقابر الأسرة لابد وأن هناك أفكارا وذكريات كثيرة دارت في ذهن الرئيس السابق فلأول مرة يعود الي قاهرة وقد تغيرت ملامحها في وجهه وأصبح مفروضا عليه وللمرة الأولي أيضا أن يستمع الي تعليمات الحراسة المختصة بتأمين الزيارة والتي طالبته بأنهائها في أسرع وقت ممكن حتي لا تلتفت الأنظار اليه أو يعرف أحد بوجوده .
وبمجرد أن وصل الرئيس الي مقابر " آل ثابت " المدفون بها حفيده وفلذة كبده لم يجد سوي حارس المقبرة الذي كان قد اختاره نجله علاء لحراستها بعد وفاة الحفيد بأيام قليلة واتجه مبارك مباشرة الي قبر حفيده ودخل في نوبة هيستيرية من البكاء فشلت كل المحاولات لوقفها بعدها طلب مبارك من زوجته ونجله أن يتركاه وحيدا ليعيش ولو دقائق معدودة بجوار من يحبه ويرتاح إليه.
لم تسمح الحراسة المشددة التي تولت تأمين الزيارة لمبارك وأفراد أسرته بمتسع من الوقت في مقابر العائلة وطلبت منهم انهاءها بشكل سريع منعا لحدوث نوع من البلبلة في حالة علم أحد بوجودهم الأمر الذي يمثل خطرا علي جميع أفراد الأسرة .. كان واضحا علي أفراد الحراسة طبقا لشهود عيان- القلق وكانوا يحاولون بكل الطرق ألا تستمر تلك الزيارة أكثر من نصف ساعة.
مجبرا اضطر مبارك الي انهاء زيارته لحفيده بشكل سريع طبقا لتعليمات الحراس المرافقين له لكنه قبل أن يغادر طلب حضور الحارس الخاص بالمقبرة واستفسر منه عن زوار الحفيد الذين كانوا لا ينقطعون عن زيارته وقت أن كان جده رئيسا وحينما علم بانقطاع الزيارة حزن بشدة وطلب أن يغادر المكان فورا .
الزيارة التي لم تستمر أكثر من 25 دقيقة تخللتها بعض المواقف الانسانية للرئيس السابق الذي طلب من أفراد أسرته أن يدفن بجوار حفيده في نفس المقبرة وألا يبني له قبر وحده بالاضافة الي حرص مبارك علي التأكيد علي أنه لا يريد أن تقام له جنازة رسمية .
كان لافتا للنظر خلال زيارة الرئيس السابق الي قبر حفيده غياب نجله الأصغر جمال الأمر الذي فسره البعض علي بأنه غضب من الأب عليه وبالتالي علي زوجته خديجة الجمال التي غابت هي الأخري عن الزيارة علي الرغم من مصاحبتها لهادي راسخ أم الحفيد الراحل في كل زياراتها الي قبره ، وقيل إن سبب غياب جمال هو رفض مبارك اصطحابه معه في تلك الزيارة والاكتفاء بوجود شقيقه الأكبر الأقرب لأبيه روحيا. حرص مبارك علي زيارة قبر حفيده جاء بسبب الارتباط الشديد الذي كان يجمعه به حتي ان شخصيات مقربة من الرئيس السابق أكدت أن صحته تدهورت بشكل كبير جدا نتيجة حزنه علي وفاته ، وفي شهادة منشورة للحلاق الخاص بمبارك قال إنه كان يعامل حفيده الفقيد محمد علاء مبارك معاملة خاصة ويلاعبه أثناء الحلاقة ، وما زالت صور الحفيد مع جده الرئيس عالقة في أذهان المصريين والتي كان يبدو فيها علي وجه الرئيس السابق ملامح الفرحة الخالصة والسرور الكامل ، كما لا ينسي من شاهدوا مباريات منتخب مصر في بطولة الأمم الأفريقية التي أقيمت بالقاهرة في عام 2006 مبارك وهو يجلس بجوار حفيده يشاركه الفرجة علي المباريات ، ويجاريه في حماسه في تشجيع المنتخب القومي.
ومنذ وفاة الحفيد في عام 2009 وحتي رحيل مبارك عن السلطة حاول الرجل التغلب علي أحزانه ونسيان ألم الفراق والظهور متماسكا الا أن كل المحاولات باءت بالفشل وجاءت أحداث ثورة 25 يناير المجيدة وما تلاها من تنحي مبارك عن الحكم وذهابه الي شرم الشيخ لتجدد الأحزان وتعود بالرئيس السابق الي الدخول في دوامة الحزن وتذكر الماضي الأليم .
وقد كان مبارك خلال الفترة التي تلت وفاة الحفيد مواظبا بشكل دائم علي الذهاب الي زيارته والجلوس طويلا أمام قبره بل إن بعض المقربين منه يقولون إنه كان ينسي الدنيا بمن فيها ويتجرد من كل المراسم الخاصة بالرئيس حينما يشاهد قبر الحفيد وكان لا يريد أن يغادر المكان ، ويشعر بأن روح الصغير ترفرف من حوله، وكأن الرئيس لا يريد أن يعترف أن الروح البريئة التي كانت تظلل حياته قد خطفها الموت.
وطبقا لشهادات المقربين من الرئيس الراحل فإنه لم يحاول نسيان الحفيد ولم ينجح في تعويض فراقه حتي ولو بالجلوس مع حفيده الآخر عمر شقيق الراحل ساعات طويلة خصوصا أن حفيده محمد هو الحفيد الأول له وتربطهما أشياء كثيرة وقيل إنه كان يقول إن محمد يشبهه في أشياء كثيرة وأنه يتذكر معه طفولته.
حالة الحزن الشديدة التي يعاني منها مبارك منذ رحيله عن السلطة ربما تعجل بوفاته خصوصا أن الدراسات العلمية تؤكد أن قدرة الإنسان علي تحمل الأحزان تقل مع تقدم العمر ، وتؤكد الدراسات أيضا أن الشخص الذي يتعلق بحبيب له ثم يفقده ، لا يستطيع أن يتحمل الحياة بعده ،ويفارق الحياة بعده بقليل.
ومن المعروف أن حفيد الرئيس السابق مدفون في المقابر الخاصة بعائلة " آل ثابت " نسائب مبارك وجدود وأعمام قرينته سوزان ثابت وهي العائلة التي تمتد جذورها الي صعيد مصر وتحديدا محافظة المنيا وتعتبر من العائلات الكبيرة التي لها تاريخ كبير وسمعة طيبة بين عائلات المنيا .
ولا يختلف شكل مقبرة الحفيد كثيرا عن حالة الرفاهية والفخامة التي كانت تعيش فيها أسرة مبارك في قصر الرئاسة طوال الثلاثين عاما التي قضوها في حكم مصر.
وطبقا للمعلومات المتوافرة عن المقبرة يستطيع المتجول أمام هذه المقابر تمييز مقابر " آل ثابت " من النظرة الأولي دون غيرها من المقابر التي تسبقها أو تتلوها.
واضطرت أسرة الرئيس السابق الي دفن الحفيد في مقابر " آل ثابت " بعد وفاته بشكل مفاجئ وعودته من مستشفي بباريس في الوقت الذي كان فيه " آل مبارك " لا يملكون مقابر خاصة بهم سوي مقابرعائلة سوزان مبارك ومقابر عائلة راسخ أنسباء علاء مبارك وفرضت حراسة مشددة علي هذه المقابر لوجود حفيد الرئيس بها .
وكانت عائلة الرئيس السابق قد شرعت في بناء مقابر خاصة بالأسرة بعد وفاة الحفيد مباشرة علي علي مساحة تقترب من الــ 1500 متر ، وبنيت من الحجر الأبيض الكبير الذي تبني به مجالس الشعب والشوري وهو ما يسمونه بالحجر الحلواني أغلي أنواع الأحجار علي عكس المقابر الأخري التي تبني من الطوب الفرعوني الأحمر العادي.
ونفذت شركة المقاولون العرب أعمال البناء في مقابر مبارك ، وأشرف موظفون من رئاسة الجمهورية علي عملية البناء وكان زكريا عزمي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية يتابع بنفسه تطورات العمل في المقبرة بنفسه ويقدم تقريرا شاملا ووافيا لمبارك عن كل الأعمال التي تتم .
الغريب أنه حتي وقت قليل كانت المقبرة التي دفن فيها حفيد مبارك محمد تعج بالزائرين من القيادات وأصحاب السلطة والنفوذ وكبار رجال الدولة لتقديم فروض الولاء للرئيس السابق الا أنها الآن صارت خالية ولا يذهب اليها أحد .
وتبدو المقبرة من الخارج كبقية المقابر فهي مبني متسع تزينه بعض أغصان زهور الياسمين والصبار وأشجار النرجس، وتقع علي بعد 10دقائق من مساكن كلية البنات، وعلي امتداد شارع عباس العقاد بمدينة نصر.
حارس العقار المتواجد حاليا أمام المقبرة أكد أن جميع أفراد الحراسة رحلوا مع تنحي مبارك، فضلا عن انقطاع جميع الزيارات حتي من عائلة الفقيد منذ سفر مبارك لشرم الشيخ، اللهم إلا بعض الاتصالات الهاتفية من جانب علاء، وزيارة واحدة لوالدته هايدي لم تتعد الدقائق.