[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[center]سيرة وحياة القديس مارجرجس الرومانى
نشأة القديس وحياته الأولى:
وُلِد القديس مار جرجس عام 236 م تقريبًا في بلدة كبادوكية وتقع في دولةتركيا حاليًا. فقد كان الأمير أنسطاسيوس والده حاكمًا لمدينة ملطية التيكانت تقع في شرق كبادوكية بآسيا الصغرى. ووالدته هى الأميرة ثيؤبستى ابنةالأمير ديونسيوس حاكم مدينة اللد بفلسطين. وكان للقديس مار جرجس أختينتصغرانه هما كاسيا ومدرونه. وأما جده الأمير يوحنا فكان حاكمًا لبلدةكبادوكية وكانت أسرة القديس مسيحية أبًا عن جد واسعة الثراء والمكانةوالنفوذ.
توفى أنسطاسيوس والد القديس مار جرجس عندما كان مار جرجسيبلغ من العمر عشر سنوات تقريبًا ثم انتقلت أسرة القديس لتعيش في فلسطينوتزامن ذلك مع تعيين الأمير يسطس حاكمًا على فلسطين. وقد كان يسطس رجلاًمسيحيًا صالحًا فأقنع والدة القديس مار جرجس أن يربي جرجس ويلحقه بسلكالجندية. ومكث القديس مار جرجس مع يسطس مدة عشر سنوات تقريبًا أصبح خلالهايسطس بمثابة والد له. وقد وكَّل إليه قيادة خمسة آلاف جندي وأشركه معه فيحكم فلسطين.
انتقال والدته والأمير يسطس:
ولما بلغ القديس مار جرجس من العمر عشرين عامًا رقدت والدته فحزن عليهاكأم إلا أنه تعزى بتعزيات السماء لأن أمه كانت تقية وقديسة بعد ذلك أرادالأمير يسطس أن يكرم الأمير جرجس، فأعلن أمام كبار رجال دولته أنه سيزوجهمن ابنته الوحيدة، وبدأ الأمير يعد لزواج ابنته، وأثناء ذلك انتقل يسطسالوالي إلى السماء فتغيرت الأمور وكان ذلك كله تدبر العناية الإلهية.
القديس يقابل الإمبراطور داديانوس:
ذهب القديس إلى مدينة صور في لبنان لمقابلة الإمبراطور داديانوس الفارسيليُطالب بأحقيته في استمراره في حكم فلسطين خلفًا للأمير يسطس وذلك لأنبلاد الشام كانت تابعة للنفوذ الفارسي في ذلك الوقت.
وعندما ذهب مارجرجس إلى صور بصحبة ثلاثة من عبيده وأحدهم كان يدعى سقراطيس دُهِشَ حالوصوله عندما وجد أن معظم أهل المدينة والحكام يعبدون الأصنام ويبخرون لهاتاركين عبادة الله الحقيقي يسوع المسيح. هذا بالإضافة إلى أن أهل المدينةالمسيحيين كانوا يخشون أن يجاهروا بمسيحيتهم خوفًا من استشهادهم.
رفعجرجس عينيه إلى السماء .. فنظر وإذ رئيس الملائكة الجليل ميخائيل يكلمه: "تشدد يا جرجس .. تشجع ولا تخف سأكون معك ستنال عذابات كثرة على اسم مسيحكالذي أحبك وفي النهاية تسافر إلى مدينة الأبكار في أورشليم السمائية ".
المنشور الملكي
أصدر الإمبراطور داديانوس منشورًا جاء فيه:
1- يجب هدم الكنائس وإزالتهما من الوجود.
2- يجب حرق جميع الكتب المقدسة التي للمسيحيين.
3- يُطرد فورًا جميع المسيحيين الموظفين بالدولة.
4- حرمان العبيد من الحرية إن ظلوا مسيحيين.
5- يجب على الجميع تقديم الذبائح والبخور للآلهة ومعاقبة كل من يخالفأوامر الإمبراطورية ويعرض نفسه لأشد أنواع العقاب والعذاب حتى الموت.
وبالفعل فور صدور هذا المنشور، سرت موجة من الاضطهادات في كل ربوعالإمبراطورية. وأمام هذه الاضطهادات وإعادة بناء هياكل للأوثان وسجن رؤساءالكنائس استشهد الكثيرين.
" مَن سيفصلنا عن محبَّةِ المسيح؟ أشِدَّةٌ أم ضيقٌ أم اضطهادٌ.. "
(رو 35:8)
شجاعة وجراءة وعزم:
سعى القديس جرجس إلى الجهاد وإعلان مجد الله في داخله وأنه
لا شيء في الدنيا يستطيع أن يفصله عن محبة المسيح. ولما رأى الأمير جرجسالمنشور الذي يعلن اضطهاد المسيحيين، تقدم وأمسك به ومزقه أمام الجميعواندفع بشجاعة نادرة إلى قصر الإمبراطور ودخل على مجلس الحكم ووقف أمامهموسط جميع الحاضرين وصرخ بصوتٍ عال قائلاً: " أيها السادة إلى متى تصبونغضبكم على المسيحيين الأبرياء، إنهم مخلصون ولا يعملون شيئًا رديًا..لماذا تجبروهم على عبادة أصنام حجرية لا تحس ولا تشعر ولا تسمع ولاتتكلم..كيف يترك المسيحيون الإله الحي القدوس الذي به نوجد ونحيا ونتحركويعبدون الأصنام التي بها شياطين.. عندئذ انتبه الإمبراطور داديانوس وقالللقديس: مَن أنت؟ وكيف دخلت إلى هذا المكان؟ وكيف تتحدى أوامري أناالإمبراطور؟
أجاب القديس هدوء الملائكة قائلاً: "اسمي بالإيمان عبديسوع المسيح ولكن بحسب الميلاد الأمير جرجس بن أنسطاسيوس الوالي.. ودخلتإلى هنا لأشهد لإلهي يسوع المسيح الذي وُلِدَ من العذراء مريم وصُلِبَ منأجل خلاصي ومات وقام من بين الأموات، وهو حي إلى أبد الآبدين، وسيأتيليدين الأحياء والأموات ".
قاطعه الإمبراطور في محاولة التلطيف معهلكي يثنيه عن شجاعته لعله يقدم البخور للإله أبللون، ولكنه بعد محاولاتووعود صاح القديس: "أنا نصراني ابن نصراني وليس مِن جنس مَن يعبدونالأصنام "، وهنا غضب الإمبراطور لما ممع كلام جرجس وأمر بتعذيبه وأنيودعوه في السجن.
"اتبعوا السلام مع الجميع، والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب"
(عب 12: 14)
عفة القديس وطهارته:
وُضِعَ مار جرجس في السجن وبدأ الإمبراطور يستدرجه عن طريق إغرائهومحاربته في عفته وطهارته، فأرسل إحدى فتيات القصر الجميلات إلى القديس فيالسجن ومكثت معه ليلة كاملة لعلَّها تستطيع أن تغريه وتسقطه معها، ولكنالقديس عرف كيف يحول السجن إلى هيكل طاهر ترفع فيه الصلوات والتسابيح ليسفقط لأجل نفسه ولكن لأجل خلاص نفس هذه المرأة المسكينة " طلبة البار تقتدركثيرًا في فعلها ".
لم يأتِ الصباح حتى تقدمت هذه الفتاة إليه بدموعتطلب منه أن يعرفها سر حياة الطهارة والقداسة التي تلامست معها في حياته،فأخذ يبشرها بيسوع المسيح ينبوع الطهارة. وقالت له: " أنا أتيت لك بسحرخلاعتي وأنت جذبتني إليك بسحر طهارتك ".
لما أقبل رجال الإمبراطور فيالصباح الباكر لأخذها إلى الوالي إذ بهم يجدون الفتاة الخليعة وقد اكتستبالحشمة وتعلن ندمها وايمانها بالسيد المسيح. فلما ممع الإمبراطور أصدرأمره بقطع رأسها في الحال. وهكذا نالت إكليل الشهادة.
مار جرجس أقوى من السحر:
أرسل الإمبراطور كتابًا إلى أنحاء الإمبراطورية يطلب فيه من كل ساحرباستطاعته أن يُبطِل سحر هذا المسيحي يحضر إليه، وله مكافأة عظيمة إذا
نجح في مهمته. فتقدم إليه رجل ساحر اممه أثناسيوس وقال للملك: " أيهاالملك عش إلى الأبد، ليس هناك شيء لا أستطيع أن أفعله مهما أمرت "، فابتهجالملك جدًا بالساحر أثناسيوس. وطلب الإمبراطور بإحضار جرجس أمامه، فقالداديانوس للقديس ساخرًا له: "اعلم يا جرجس أن سحرك الذي أنقذك من قبل سوفيبطله أثناسيوس ".
فنظر القديس إلى الساحر وقال له: "يا أخي أسرعواصنع بي كيفما شئت، لأني أرى نعمة الإيمان قريبة منك". وعلى الفور وضعأثناسيوس مجموعة من العقاقير السامة القاتلة في كأس من الماء، وقرأ عليهاأسماء شياطين وأعطاه للقديس ليشرب، فرسم القديس الكأس بعلامة الصليب وشربالكأس فلم يضره شيء. فلما انتظر أثناسيوس الساحر ولم يحدث ضرر، أمر أنيُقيد القديس من يديه حتى لا يرشم علامة الصليب على الكأس. وأخذ الكأس مرةثانية واستحضر عليه أسماء شياطين أشر من الأولى وأعطاه للقديس لكي يشربه.فرشم علامة الصليب برأسه على الكأس وهو يردد قول السيد المسيح: "وان شربواشيئًا ميتًا لا يَضُرُّهُم" (مر 16: 18)، وشرب الكأس عن آخرها ولم يضرهشيء، فما كان من أثناسيوس الساحر إلا أنه سجد أمام القديس بدموع قائلاً:"أيها القديس العظيم حبيب الإله الحقيقي اصنع رحمة وصلِّي لأجلي حتى يترأفالله علىَّ ويرحمني ويقبلني في ملكوته، فإنه ليس هناك إله حقيقي سواه قادرأن ينقذ عبيده مثله، لأن نقطة واحدة من كأس السم الذي شربته كافية أن تقتلفيلاً في الحال ".
غضب داديانوس جدًا وأمر جنوده أن يقطعوا رأس الساحرفي الحال، فأخذوه إلى ساحة الاستشهاد وهناك قطعوا رأسه بحد السيف، ونالأثناسيوس الساحر إكليل الشهادة في اليوم السابع من شهر طوبه.
"جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السَّعي، حفظت الإيمان"
(2 تي 7:4)
رحلة عذابات القديس:
الشهيد مار جرجس ضرب أقوى الأمثلة في احتمال صنوف العذابات، وقد لا تكونهناك وسيلة تعذيب إلا واحتملها، استخدموا معه كل الآلات وكل الوسائل حتىحار أمرهم في شخصه المبارك. وقد أعجبت الملكة الكسندره زوجة الإمبراطورداديانوس حينما التقى معها في القصر وسألته عن سر شجاعته وطهارته، وتطرقالحديث عن رب المجد يسوع المسيح مخلصًا وفاديًا وكانت نهاية الحديث إعلانإيمانها بالمسيح.
هذه كانت الصدمة الكبرى التي صعقت داديانوس، واسود الكون كله
في عينه.. ثم نادى حراسه في سرعة وأمرهم بأن يشدوا الكسندره من شعرهاويعلقوها في ساحة قصره ثم يوسعوها ضربًا بالعصي، وأخيرًا أمر بقطع رأسهاوهي متهللة بالروح وتقول: "يارب لقد تركت باب قصري مفتوحا على مصراعيه فلاتغلق باب فردوسك في وجهي، يا مَن قبلت توبة اللص اليمين". ثم قطعوا رأسهاوفاضت روحها لتنعم إلى الأبد مع محلصها وكان ذلك في يوم 15 برموده.
عندما بلغ الإمبراطور خبر موت زوجته ضاق صدره من جهة القديس وأمر بتعذيبه بشتى أنواع العذابات.
عذابات القديس
سبع سنوات متصلة هى المدة التي قضاها القديس في تحمل شتى أنواع العذاباتبحيل وألاعيب وإغراءات مختلفة قام بها الملك داديانوس الفارسي الوثني ومعهحشد من الحكام والولاة عددهم تسعة وستين كانوا يسيطرون على المدن والبلادالتي كانت تحت حكم وسيطرة الفرس بعد انتصارهم على الرومان ومنها بلادالشام وفلسطين.
بعض العذابات التي احتملها البطل خلال سبع سنوات متواصلة:
1- وضع حذاء المسامير في رجليه.
2- تعذيبه بالشفرات الحادة لتقطع جسمه.
3- سمروه على لوح خشب ودحرجوا على بطنه قاعدة عامود.
4- ضربوه مائة سوط على بطنه ومسحوا جراحاته بجير حي،
وصبُّوا على جسده كبريت مذاب في خل عتيق. ثم ألقوه في السجن فظهر له الربيسوع وقال: "انهض قائمًا يا حبيبي جرجس لأني أكون معك لكي تخزي هؤلاءالأشرار المنافقين والآن يا حبيبي كما لم يقم مَن النساء من هو أعظم منيوحنا المعمدان، كذلك لم يقم من الشهداء مَن يشبهك ولا يكون لك نظير فيهمإلى الأبد، وسوف تظل سبع سنوات في العذاب وتموت ثلاث ميتات وأنا أقيمك،وفي المرة الرابعة سوف آتي إليك مع طغمات السمائيين وآخذك.. الآن تقوىوأثبت ولا تتزعزع لأني أكون معك".
5- سُمِّر على سرير نحاسي وصبُّوا الرصاص الساخن في فمه.
6- وُضِعَ على عجلة كبيرة فيها مناجل وسيوف حادة (الهنبازين) وأداروهافانسحقت عظامه وتهرأ لحمه وأسلم الروح للمرة الأولى، وأقامه الرب يسوع منالموت.
7- نُشر بمنشار إلى نصفين وأسلم الروح للمرة الثانية، وأقامه
الرب يسوع من الموت.
8- عصروه في معصرة وجعلوا مشاعل النار على جنبيه، وسلم الروح للمرة الثالثة، وأقامه الرب يسوع من الموت.
9- في يوم 23 برموده الموافق أول مايو سنة 263 م قُطعت رأس الشهيد العظيممار جرجس، وأخذ السيد المسيح نفسه الطاهرة وسط تهليل الملائكة.
أخذ خادمه سقراطيس جسده الطاهر ولفه في أكفان غالية فاخرة ومضى به إلى مدينة اللد بفلسطين.
بُنيت على اسمه كنيسة عظيمة بمدينة اللد بفلسطين،
كُرِّست في 7 هاتور (16 نوفمبر)، وأجرى الرب فيها آيات وعجائب
[center]سيرة وحياة القديس مارجرجس الرومانى
نشأة القديس وحياته الأولى:
وُلِد القديس مار جرجس عام 236 م تقريبًا في بلدة كبادوكية وتقع في دولةتركيا حاليًا. فقد كان الأمير أنسطاسيوس والده حاكمًا لمدينة ملطية التيكانت تقع في شرق كبادوكية بآسيا الصغرى. ووالدته هى الأميرة ثيؤبستى ابنةالأمير ديونسيوس حاكم مدينة اللد بفلسطين. وكان للقديس مار جرجس أختينتصغرانه هما كاسيا ومدرونه. وأما جده الأمير يوحنا فكان حاكمًا لبلدةكبادوكية وكانت أسرة القديس مسيحية أبًا عن جد واسعة الثراء والمكانةوالنفوذ.
توفى أنسطاسيوس والد القديس مار جرجس عندما كان مار جرجسيبلغ من العمر عشر سنوات تقريبًا ثم انتقلت أسرة القديس لتعيش في فلسطينوتزامن ذلك مع تعيين الأمير يسطس حاكمًا على فلسطين. وقد كان يسطس رجلاًمسيحيًا صالحًا فأقنع والدة القديس مار جرجس أن يربي جرجس ويلحقه بسلكالجندية. ومكث القديس مار جرجس مع يسطس مدة عشر سنوات تقريبًا أصبح خلالهايسطس بمثابة والد له. وقد وكَّل إليه قيادة خمسة آلاف جندي وأشركه معه فيحكم فلسطين.
انتقال والدته والأمير يسطس:
ولما بلغ القديس مار جرجس من العمر عشرين عامًا رقدت والدته فحزن عليهاكأم إلا أنه تعزى بتعزيات السماء لأن أمه كانت تقية وقديسة بعد ذلك أرادالأمير يسطس أن يكرم الأمير جرجس، فأعلن أمام كبار رجال دولته أنه سيزوجهمن ابنته الوحيدة، وبدأ الأمير يعد لزواج ابنته، وأثناء ذلك انتقل يسطسالوالي إلى السماء فتغيرت الأمور وكان ذلك كله تدبر العناية الإلهية.
القديس يقابل الإمبراطور داديانوس:
ذهب القديس إلى مدينة صور في لبنان لمقابلة الإمبراطور داديانوس الفارسيليُطالب بأحقيته في استمراره في حكم فلسطين خلفًا للأمير يسطس وذلك لأنبلاد الشام كانت تابعة للنفوذ الفارسي في ذلك الوقت.
وعندما ذهب مارجرجس إلى صور بصحبة ثلاثة من عبيده وأحدهم كان يدعى سقراطيس دُهِشَ حالوصوله عندما وجد أن معظم أهل المدينة والحكام يعبدون الأصنام ويبخرون لهاتاركين عبادة الله الحقيقي يسوع المسيح. هذا بالإضافة إلى أن أهل المدينةالمسيحيين كانوا يخشون أن يجاهروا بمسيحيتهم خوفًا من استشهادهم.
رفعجرجس عينيه إلى السماء .. فنظر وإذ رئيس الملائكة الجليل ميخائيل يكلمه: "تشدد يا جرجس .. تشجع ولا تخف سأكون معك ستنال عذابات كثرة على اسم مسيحكالذي أحبك وفي النهاية تسافر إلى مدينة الأبكار في أورشليم السمائية ".
المنشور الملكي
أصدر الإمبراطور داديانوس منشورًا جاء فيه:
1- يجب هدم الكنائس وإزالتهما من الوجود.
2- يجب حرق جميع الكتب المقدسة التي للمسيحيين.
3- يُطرد فورًا جميع المسيحيين الموظفين بالدولة.
4- حرمان العبيد من الحرية إن ظلوا مسيحيين.
5- يجب على الجميع تقديم الذبائح والبخور للآلهة ومعاقبة كل من يخالفأوامر الإمبراطورية ويعرض نفسه لأشد أنواع العقاب والعذاب حتى الموت.
وبالفعل فور صدور هذا المنشور، سرت موجة من الاضطهادات في كل ربوعالإمبراطورية. وأمام هذه الاضطهادات وإعادة بناء هياكل للأوثان وسجن رؤساءالكنائس استشهد الكثيرين.
" مَن سيفصلنا عن محبَّةِ المسيح؟ أشِدَّةٌ أم ضيقٌ أم اضطهادٌ.. "
(رو 35:8)
شجاعة وجراءة وعزم:
سعى القديس جرجس إلى الجهاد وإعلان مجد الله في داخله وأنه
لا شيء في الدنيا يستطيع أن يفصله عن محبة المسيح. ولما رأى الأمير جرجسالمنشور الذي يعلن اضطهاد المسيحيين، تقدم وأمسك به ومزقه أمام الجميعواندفع بشجاعة نادرة إلى قصر الإمبراطور ودخل على مجلس الحكم ووقف أمامهموسط جميع الحاضرين وصرخ بصوتٍ عال قائلاً: " أيها السادة إلى متى تصبونغضبكم على المسيحيين الأبرياء، إنهم مخلصون ولا يعملون شيئًا رديًا..لماذا تجبروهم على عبادة أصنام حجرية لا تحس ولا تشعر ولا تسمع ولاتتكلم..كيف يترك المسيحيون الإله الحي القدوس الذي به نوجد ونحيا ونتحركويعبدون الأصنام التي بها شياطين.. عندئذ انتبه الإمبراطور داديانوس وقالللقديس: مَن أنت؟ وكيف دخلت إلى هذا المكان؟ وكيف تتحدى أوامري أناالإمبراطور؟
أجاب القديس هدوء الملائكة قائلاً: "اسمي بالإيمان عبديسوع المسيح ولكن بحسب الميلاد الأمير جرجس بن أنسطاسيوس الوالي.. ودخلتإلى هنا لأشهد لإلهي يسوع المسيح الذي وُلِدَ من العذراء مريم وصُلِبَ منأجل خلاصي ومات وقام من بين الأموات، وهو حي إلى أبد الآبدين، وسيأتيليدين الأحياء والأموات ".
قاطعه الإمبراطور في محاولة التلطيف معهلكي يثنيه عن شجاعته لعله يقدم البخور للإله أبللون، ولكنه بعد محاولاتووعود صاح القديس: "أنا نصراني ابن نصراني وليس مِن جنس مَن يعبدونالأصنام "، وهنا غضب الإمبراطور لما ممع كلام جرجس وأمر بتعذيبه وأنيودعوه في السجن.
"اتبعوا السلام مع الجميع، والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب"
(عب 12: 14)
عفة القديس وطهارته:
وُضِعَ مار جرجس في السجن وبدأ الإمبراطور يستدرجه عن طريق إغرائهومحاربته في عفته وطهارته، فأرسل إحدى فتيات القصر الجميلات إلى القديس فيالسجن ومكثت معه ليلة كاملة لعلَّها تستطيع أن تغريه وتسقطه معها، ولكنالقديس عرف كيف يحول السجن إلى هيكل طاهر ترفع فيه الصلوات والتسابيح ليسفقط لأجل نفسه ولكن لأجل خلاص نفس هذه المرأة المسكينة " طلبة البار تقتدركثيرًا في فعلها ".
لم يأتِ الصباح حتى تقدمت هذه الفتاة إليه بدموعتطلب منه أن يعرفها سر حياة الطهارة والقداسة التي تلامست معها في حياته،فأخذ يبشرها بيسوع المسيح ينبوع الطهارة. وقالت له: " أنا أتيت لك بسحرخلاعتي وأنت جذبتني إليك بسحر طهارتك ".
لما أقبل رجال الإمبراطور فيالصباح الباكر لأخذها إلى الوالي إذ بهم يجدون الفتاة الخليعة وقد اكتستبالحشمة وتعلن ندمها وايمانها بالسيد المسيح. فلما ممع الإمبراطور أصدرأمره بقطع رأسها في الحال. وهكذا نالت إكليل الشهادة.
مار جرجس أقوى من السحر:
أرسل الإمبراطور كتابًا إلى أنحاء الإمبراطورية يطلب فيه من كل ساحرباستطاعته أن يُبطِل سحر هذا المسيحي يحضر إليه، وله مكافأة عظيمة إذا
نجح في مهمته. فتقدم إليه رجل ساحر اممه أثناسيوس وقال للملك: " أيهاالملك عش إلى الأبد، ليس هناك شيء لا أستطيع أن أفعله مهما أمرت "، فابتهجالملك جدًا بالساحر أثناسيوس. وطلب الإمبراطور بإحضار جرجس أمامه، فقالداديانوس للقديس ساخرًا له: "اعلم يا جرجس أن سحرك الذي أنقذك من قبل سوفيبطله أثناسيوس ".
فنظر القديس إلى الساحر وقال له: "يا أخي أسرعواصنع بي كيفما شئت، لأني أرى نعمة الإيمان قريبة منك". وعلى الفور وضعأثناسيوس مجموعة من العقاقير السامة القاتلة في كأس من الماء، وقرأ عليهاأسماء شياطين وأعطاه للقديس ليشرب، فرسم القديس الكأس بعلامة الصليب وشربالكأس فلم يضره شيء. فلما انتظر أثناسيوس الساحر ولم يحدث ضرر، أمر أنيُقيد القديس من يديه حتى لا يرشم علامة الصليب على الكأس. وأخذ الكأس مرةثانية واستحضر عليه أسماء شياطين أشر من الأولى وأعطاه للقديس لكي يشربه.فرشم علامة الصليب برأسه على الكأس وهو يردد قول السيد المسيح: "وان شربواشيئًا ميتًا لا يَضُرُّهُم" (مر 16: 18)، وشرب الكأس عن آخرها ولم يضرهشيء، فما كان من أثناسيوس الساحر إلا أنه سجد أمام القديس بدموع قائلاً:"أيها القديس العظيم حبيب الإله الحقيقي اصنع رحمة وصلِّي لأجلي حتى يترأفالله علىَّ ويرحمني ويقبلني في ملكوته، فإنه ليس هناك إله حقيقي سواه قادرأن ينقذ عبيده مثله، لأن نقطة واحدة من كأس السم الذي شربته كافية أن تقتلفيلاً في الحال ".
غضب داديانوس جدًا وأمر جنوده أن يقطعوا رأس الساحرفي الحال، فأخذوه إلى ساحة الاستشهاد وهناك قطعوا رأسه بحد السيف، ونالأثناسيوس الساحر إكليل الشهادة في اليوم السابع من شهر طوبه.
"جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السَّعي، حفظت الإيمان"
(2 تي 7:4)
رحلة عذابات القديس:
الشهيد مار جرجس ضرب أقوى الأمثلة في احتمال صنوف العذابات، وقد لا تكونهناك وسيلة تعذيب إلا واحتملها، استخدموا معه كل الآلات وكل الوسائل حتىحار أمرهم في شخصه المبارك. وقد أعجبت الملكة الكسندره زوجة الإمبراطورداديانوس حينما التقى معها في القصر وسألته عن سر شجاعته وطهارته، وتطرقالحديث عن رب المجد يسوع المسيح مخلصًا وفاديًا وكانت نهاية الحديث إعلانإيمانها بالمسيح.
هذه كانت الصدمة الكبرى التي صعقت داديانوس، واسود الكون كله
في عينه.. ثم نادى حراسه في سرعة وأمرهم بأن يشدوا الكسندره من شعرهاويعلقوها في ساحة قصره ثم يوسعوها ضربًا بالعصي، وأخيرًا أمر بقطع رأسهاوهي متهللة بالروح وتقول: "يارب لقد تركت باب قصري مفتوحا على مصراعيه فلاتغلق باب فردوسك في وجهي، يا مَن قبلت توبة اللص اليمين". ثم قطعوا رأسهاوفاضت روحها لتنعم إلى الأبد مع محلصها وكان ذلك في يوم 15 برموده.
عندما بلغ الإمبراطور خبر موت زوجته ضاق صدره من جهة القديس وأمر بتعذيبه بشتى أنواع العذابات.
عذابات القديس
سبع سنوات متصلة هى المدة التي قضاها القديس في تحمل شتى أنواع العذاباتبحيل وألاعيب وإغراءات مختلفة قام بها الملك داديانوس الفارسي الوثني ومعهحشد من الحكام والولاة عددهم تسعة وستين كانوا يسيطرون على المدن والبلادالتي كانت تحت حكم وسيطرة الفرس بعد انتصارهم على الرومان ومنها بلادالشام وفلسطين.
بعض العذابات التي احتملها البطل خلال سبع سنوات متواصلة:
1- وضع حذاء المسامير في رجليه.
2- تعذيبه بالشفرات الحادة لتقطع جسمه.
3- سمروه على لوح خشب ودحرجوا على بطنه قاعدة عامود.
4- ضربوه مائة سوط على بطنه ومسحوا جراحاته بجير حي،
وصبُّوا على جسده كبريت مذاب في خل عتيق. ثم ألقوه في السجن فظهر له الربيسوع وقال: "انهض قائمًا يا حبيبي جرجس لأني أكون معك لكي تخزي هؤلاءالأشرار المنافقين والآن يا حبيبي كما لم يقم مَن النساء من هو أعظم منيوحنا المعمدان، كذلك لم يقم من الشهداء مَن يشبهك ولا يكون لك نظير فيهمإلى الأبد، وسوف تظل سبع سنوات في العذاب وتموت ثلاث ميتات وأنا أقيمك،وفي المرة الرابعة سوف آتي إليك مع طغمات السمائيين وآخذك.. الآن تقوىوأثبت ولا تتزعزع لأني أكون معك".
5- سُمِّر على سرير نحاسي وصبُّوا الرصاص الساخن في فمه.
6- وُضِعَ على عجلة كبيرة فيها مناجل وسيوف حادة (الهنبازين) وأداروهافانسحقت عظامه وتهرأ لحمه وأسلم الروح للمرة الأولى، وأقامه الرب يسوع منالموت.
7- نُشر بمنشار إلى نصفين وأسلم الروح للمرة الثانية، وأقامه
الرب يسوع من الموت.
8- عصروه في معصرة وجعلوا مشاعل النار على جنبيه، وسلم الروح للمرة الثالثة، وأقامه الرب يسوع من الموت.
9- في يوم 23 برموده الموافق أول مايو سنة 263 م قُطعت رأس الشهيد العظيممار جرجس، وأخذ السيد المسيح نفسه الطاهرة وسط تهليل الملائكة.
أخذ خادمه سقراطيس جسده الطاهر ولفه في أكفان غالية فاخرة ومضى به إلى مدينة اللد بفلسطين.
بُنيت على اسمه كنيسة عظيمة بمدينة اللد بفلسطين،
كُرِّست في 7 هاتور (16 نوفمبر)، وأجرى الرب فيها آيات وعجائب
كثيرة