مثل كل الأحداث الكبري. يعشق المصريون احاطتها بعالم من الغموض والميتافيزيقا ويوصفونها بالمعجزات وفي الحقيقة هي أقرب إلي الخرافات والشعوذات منها إلي الواقع وتاريخنا مليء بهذه القصص والحكايات وكان آخرها ما دار حول ثورة «25 يناير» حيث تداول بعض الأقباط قصة تقول إن الأم إيريني رئيسة دير الشهيد أبي سيفين للراهبات والتي رحلت عن عالمنا عام 2006 ظهرت في رؤيا لأحد الآباء الكهنة وأخبرته بأن نظام الحكم في مصر سوف يتغير علي آثر ثورة عارمة.
في حين قال آخرون إن الأم ايريني قد كتبت وثيقة تؤكد فيها حدوث ثورة قبل رحيلها، وامتد الأمر إلي أن نسب بعض الأقباط القصة لأحد الآباء الرهبان بدير الأنبا بولا بالبحر الأحمر وهو الأب «فانوس الأنبا بولا».. وتداول هذه القصص جعلنا نلجأ للمؤرخ الكنسي نشأت زقلمة. الذي أصدر أكثر من كتاب عن حياة الأم إيريني وعندما عرضنا عليه هذه القصص قال.. كل هذه الأقاويل لا يوجد ما يؤكدها وهي محض اشاعات. وقد تم بالفعل نشر أوراق تسجيلات الأم ايريني ولا يوجد فيها أي اشارة من قريب أو بعيد عن الثورة أو تغيير نظام الحكم. وشدد زقلمة علي أهمية عدم ترويج هذه القصص لأن بها استهانة بدماء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم ليجعلوا مستقبلنا أفضل.
الفرس الأخضر
وقد انتشرت قصة أخري بين الأقباط، تقول إن هناك «فرس أخضر» ظهر في ميدان التحرير أثناء المظاهرات. وقد بثت إحدي القنوات المحلية في أمريكا صورة له. وتعددت التفسيرات حول هذا «الفرس» حيث أدعي البعض. كما جاء بقناة الكرمة المسيحية أنه ظهور لأمير الشهداء مار جرجس، وقد رفض هذا الادعاء الأب مكاري يونان لأن الفارس الذي كان يمتطي ظهر الفرس أسود اللون ومارجرجس لا يظهر أسود ورأي الكثيرون أن هذا الفرس ذو اللون الأخضر قد جاء ذكره في سفر الرؤيا الذي كتب يوحنا الحبيب آخر أسفار الانجيل والذي يتحدث فيه عن نهاية العالم. ويرمز اللون الأخضر لحكم الإسلام.
وقد أكد الأب مكاري يونان أن هذه الأمور يمكن فبركتها وكذلك فإن سفر الرؤيا من أصعب أسفار الانجيل ولم يقدم له تفسير كامل حتي الآن فخرج مسيحي - رفض ذكر اسمه - علي موقع منتدي الرسالة المسيحية أكد أنه رأي الظهور المزعوم علي موقع يوتيوب وقام بتحليله بشكل علمي وتوصل إلي أن هذا الشيخ ما هو إلا انعكاس لهب لسيارة مشتعلة. كانت موجودة بالميدان، وتم التقاط الانعكاس بكاميرا ضعيفة. وهذا واضح من خلال تواكب حركة ظهور الشبح من حركة ارتفاع وانخفاض ألسنة اللهب الصادرة عن السيارة المشتعلة.
وعن كيفية مواجهة مثل هذه الأفكار قال أحد آباء الكنيسة لـ«روزاليوسف» الأمر يحتاج لإصلاح عاجل للتعليم الكنسي لمواجهة سيل «الشعوذة» المنهمر من خلال كتب ومجلات تروج قصصًا تافهة تقول إنها معجزات مما أضر كثيرا بالتفكير العقلاني والعلمي لأبناء الكنيسة. لذلك لابد من مواجهة كل من يروج للخرافات. كذلك يجب أن تكون هناك لجنة لمراجعة الكتابات الهزيلة التي يصدرها بعض التجار تحت مسمي «معجزة» وهي مجرد قصص بلا سند ولا تعبر عن المفهوم الأرثوذكسي السليم لمعني المعجزة.
وأشار المصدر إلي أن مؤتمر تثبيت العقيدة الذي كان يعقد في الفيوم أثار بالفعل هذه القضية. وألقي نيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة والقمص بطرس بطروس وكيل مطرانية دمياط محاضرات عن المفهوم السليم للمعجزة ونددا بالكتابات التي تقود الأقباط إلي الاشكالية والسلبية وتدمر التفكير في مقابل تمجيد الخرافات.
روزاليوسف